صور التلاحم الكويتي والشعبي في مواجهة الأخطار التي هددت استقلالها
صمود الكويتين في الداخل والخارج أثناء الغزو العراقي الغاشم
ابان الغزو العراقي الغادر تشكلت جبهة شعبية وطنية من جميع الكويتيين بشكل تلقائي لم يحدث له مثيل في تاريخ الامم، الى حد ان دول العالم وشعوبها انبهرت من وحدة الشعب الكويتي حتي غدت وحدته يضرب بها المثل من حيث تماسكه المتين والقوي وتمسكه باستقلال وطنه وسيادته وشرعيته وبنظامه الديموقراطي الدستوري وحكم أسرة آل الصباح الكرام التي التف الشعب الكويتي حولها والتمسك بقيادتها، فالجميع كانوا كويتيين وولاؤهم وانتماؤهم للكويت الوطن، وعليه ناضل لطرد المحتل الغادر واعادة السيادة والشرعية، ولهذا فشلت جميع مساعي رئيس النظام العراقي البائد وزبانيته في أن يجد كويتيا واحدا يؤيد احتلاله، وكان كل فرد كويتي يناضل من مكانه حسب قدرته وامكاناته وكان أضعفها العصيان المدني الذي اتفق عليه جميع الكويتيين المرابطين، هذا عدا المقاومة المسلحة والتضحية بالنفس وما أكثر الشهداء، وبدور لا يقل عن بطولات المرابطين سجل الكويتيون ممن اضطرتهم الظروف أن يغادروا الكويت مواقف وطنية شجاعة حسب المتاح لهم مثل تنظيم المظاهرات وتشكيل اللجان الشعبية التي تقاسمت دول العالم لتشرح لهم القضية الكويتية، وكذلك دورهم الاعلامي، ودعم اخوانهم المرابطين بالمال والسلاح والحاجات الحياتية الضرورية لاستمرار صمودهم ومقاومتهم لعصابات الاحتلال، وهكذا سجل الشعب الكويتي تاريخا سيبقى عبرة للشعوب في وحدته وتماسكه بما أبهر العالم .
لقد كان للشعب الكويتي دور هام في ردع العدوان العراقي الغاشم، واكبر دليل على ذلك جهود ابطال المقاومة الكويتية، فقد كانت تلك العمليات الفدائية اصدق تعبير على صمود الشعب الكويتي بجميع فئاته، ورفضه القاطع لكل ادعاءات المعتدي، كما شهدت وثائق النظام العراقي ذاته بضراوة المقاومة الكويتية وشدة وطأتها عليه، حيث انه وعلى الرغم من ما لدى الغزاة من آليات ضخمه وقوات جرارة الا انه تفاجأ عند مواجهة شعب بقلب رجل واحد يبارزه بكل ما أوتي من قوة الرفض والعصيان.
في سبيل تحقيق هذه الاهداف سقط العديد من الشهداء،و أسر العديدالكثير من ابطال المقاومة. ومن اهم رموز المقاومة الكويتية بيت القرين الذي يدل على مدى بطش العدو وعلى مدى ضراوة وقوة ابطال المقاومة.(1)
(1) جريدة النهار ، نهار عامر محفوظ ، تاريخ 21\10\2010
مما لا شك فيه أن للغزو العراقي الغاشم الأثر الكبير على الشعب الكويتي، كما ان لتحرير الكويت الأثر الكبير على شعبها أيضا، فلقد وحد الغزو الآثم الكويت شعبها جاعلا اياهم أسرة واحدة باسم آل كويت، تقف صفا واحدا أمام العدو يذود أحدهم عن الآخر، لا فرق بين شيخ ٍ وشاب ولا بين لأسرةٍ وأخرى إنما كان همهم بعضهم البعض... كان همهم من ذلك الكويت.
لقد ضحى الكويتيون بالكثير من اجل استعادة وطنهم وحريتهم، فقد فقد مئات الكويتيين ارواحهم فداءا للوطن، واسر المئات أيضا، مما لف الكويت بالحزن والاسى حتى مع فرحة التحرير، فذكرى الاسرى والشهداء لن تمحى أبدا من ذاكرة الكويت وشعبها، كما دمر العدوان آلاف المنشات الحكومية والاهلية مكبدا البلد أعباء مالية جمة بعد التحرير.
انطلقت مسيرة التعمير واعادة البناء بعد تحرير الوطن مباشرة، فلم يدخ الكويتين جهدا في اعادة كويتهم كما كانت وافضل، اتحدوا معا متجاوزين خلافاتهم الآنية من أجل المصلحة العليا، فرتبوا سلم اولوياتهم واضعين مصلحة الشعب في القمة.(1)
المؤتمر الشعبي الكويتي في جدة (أكتوبر 1990م)
في الوقت الذي تواصل فيه التأييد الدولي القوي لقضية الكويت العادلة, وفي الوقت الذي أصَمَّ فيه حكام بغداد آذانهم عن النداءات السلمية العربية والدولية بدأت في جدة في 13 أكتوبر عام 1990م أعمال المؤتمر الشعبي الكويتي الذي جَسَّدَ التفاف أبناء الكويت حول القيادة الشرعية للبلاد المتمثلة في حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ جابر الأحمد الصباح وسمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح رحمهما الله. وقد أكد صاحب السمو الأمير في افتتاح مؤتمر جدة على متانة الروابط بين الشعب الكويتي وقيادته وعلى مواصلة المساعي الدؤوب لاستعادة الوطن المغتصب من يد المحتل الآثم. (2)
(1) جريدة النهار ، نهار عامر محفوظ ، تاريخ 21\10\2010
(2) جريدة السياسية ، 2009 ، عدد 10\10\2010
وقد انعقد المؤتمر الشعبي الكويتي في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية الشقيقة تحت شعار "التحرير... شعارنا.. سبيلنا... هدفنا", وهي ذكرى خالدة في تاريخ الكويت حيث شارك في هذا المؤتمر التاريخي اكثر من الف وسبعمائة شخصية كويتية وكان هذا المؤتمر محط انظار العالم جميعا حيث تجلى فيه التضامن الكويتي بكل فئاته واطيافه ومشاربه من اجل التحرير, وشاركهم في ذلك اخوانهم الذين كانوا يتابعون وهم تحت الاحتلال في داخل الكويت, ويتطلعون الى نجاحه لما فيه خير الكويت والامة.
وتحقق النجاح - بحمد الله - ثم بفضل رعاية رئيسه وحكمته وتعاون الحضور في اصدار التوصيات والقرارات التي كان لها عظيم الاثر في الاسراع بتحرير دولة الكويت وبصمود اهلها الذين سطروا اروع آيات الصمود والتحدي للعدو الغاشم وحافظوا على ارض الوطن بقلوبهم وعيونهم وبذلوا المزيد من الدماء والشهداء والاموال, وسخروا جميع الامكانات وقدموا كل التضحيات من اجل التحرير بعيدين كل البعد عن الطائفية والقبلية.
لقد قال سمو الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح رحمه الله في خطابه الى المؤتمر الشعبي الكويتي الآتي.
"ان ما يغيظ النظام العراقي الاثم انه لم يتمكن من النيل من ارادتنا بعد ان احتل ارضنا فصمودنا ووقوفنا جميعا صفا واحدا ضد المحتل الغاشم كان مثار اعجاب واحترام العالم الذي يتابع عن كثب تحركنا الواثق نحو التحرير ودحر الغزاة المعتدين". واستشهد بالآية الكريمة:
"ربنا افرغ علينا صبرا وثبت اقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين".
صدق الله العظيم
وهذه هي الحقيقة الناصعة التي ذكرها سمو الامير الراحل في وقفة اهل الديرة وان الله - سبحانه وتعالى - سيثبت هذه الوقفة وينصرهم على الطغاة الكافرين من اجل كويتنا... كويت المستقبل كويت.. الأمن والامان. (1)
(1) كتاب أيام كويتية ،أحمد الشرباصي ، ص 62
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق