رساله في حب الكويت






رساله في حب الكويت



أبعث هذه الرسالة من بثانوية الرتقة ، الى كويت العز والمعالي، كميثاق محبة وعقد وفاء وتجديد للعهد، في هذه المناسبات الوطنية، ذكرى الاستقلال، وذكرى التحرير، وعيد جلوس قائدها ومنارتها المميزة بين العالم منذ نشأة ديبلوماسيتها على يد صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الذكرى الرابعة لتوليه مقاليد الحكم، انها مناسبات وأعياد وطنية بطعم مختلف هذا العام، علينا وعلى الشعب الكويتي أن نستلهم منها العبر ونتعلم معنى حب الوطن، ورائحة ترابه، وعليل هوائه، لنتوقف ونتأمل ماذا قدمنا للكويت؟ فما قدمته لنا نعجز عن احصائه، فلا قيمة للانسان بلا وطن.

ان تاريخ الاوطان لا يقاس بسنينه، وانما بأحداثه وما قدمته الشعوب من تضحيات واسهامات في بناء وتشييد تاريخ الوطن المعاصر، وقبله تاريخ البناء والنمو، لنتذكر رجال الكويت الاوفياء المخلصين، ولنعلم اجيالنا الحاضرة لغة الكرامة والشرف والعطاء في حب الوطن، لنعلمهم التعايش السلمي واحترام تعاليم ديننا الحنيف في قدسية الاديان واحترام المذاهب، والتقارب الاجتماعي تحت سقف واحد وأرض واحدة، فالكويت منذ فجر التاريخ وهي تحتضن جميع مواطنيها بكل انتماءاتهم الدينية والاجتماعية تتعامل معهم سواسية كأسنان المشط، ولا تبخل عليهم بشيء، وعندما حانت لحظة نداء الوطن، وبغي عليها جارها ليغرس خنجره في خاصرتها هب كل الشعب لنصرتها، وأصر الجميع على التمسك بحكامها أسرة آل صباح وشرعيتها، بل عجز المحتل عن ان يجد مجرد مواطن كويتي واحد يقبل أن يخون وطنه وشرفه وأرضه وعرضه، لقد تنادى كل رجال الكويت واتفقوا تحت راية واحدة قلما ان يكون لها مثيل في التمسك بشرعية الوطن، في مؤتمر جدة الذي أسفر عن ملحمة عظيمة في حب الوطن أبهرت العالم بأسره، ليتأكد لكل باحث ومتابع ان الاطروحات السياسية بين الحكومة والتيارات السياسية ليست سوى ممارسات هدفها مصلحة الوطن من خلال نموذج عرفت به الكويت منذ وضع دستورها المغفور له سمو الشيخ عبدالله السالم الصباح رحمه الله لتستمر المسيرة بعد ذلك في عهد من خلفه من حكام، لذا علينا التمسك بحب بعضنا البعض وتبديد كل المخاوف والهواجس التي تطفو بين الحين والآخر، وأقول لكم بكل صدق ومحبة أخوية استلهموا حكمة القائد وجسدوها في طاعة ولي الامر الذي لم يأل جهدا في سخائه وعطائه الزاخر لهذا الوطن، ولشعبه الاصيل، نعم لكل قوم تاريخهم، لكن على الجميع ان ينصهروا في بوتقة الوطن الواحد. هذه وقفة تأمل مع النفس حتى نتجاوز بعض المثالب ونستلهم منها العبر والمعاني لتعزيز وحدة الوطن وقدسية الانتماء له ولنتمثل بقول الرسول الاعظم صلى الله عليه وسلم في هجرته من مكة المكرمة الى المدينة المنورة مخاطبا مكة موطنه وموطن آبائه وأجداده، «والله انك لأحب الديار الى الله والى نفسي ولولا ان أهلك اخرجوني ما خرجت»، ولنا في ذلك أسوة في رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في محبة الوطن والانتماء له، وتنشئة الاجيال على لغة السلام والمحبة والاحترام المتبادل والتسامح، واحترام الصغير للكبير وعطف الكبير على الصغير، ولنرتقي الى تعاليم ربنا في كتابه الكريم من عبر وحكم، ولنكن على يقين من ان أي وطن لا يسمو الا من خلال مواطنيه، وهذه فرصة لنستلهم من معاني الاستقلال والتحرير بعض الرسائل في حب الوطن وكل ما عليه.


حفظ الله الكويت من كل مكروه وأعزها وأعز قادتها وأعز شعبها الميمون

الثلاثاء، 22 فبراير 2011

الظروف التي أدت لإلغاء معاهدة الحماية


الظروف التي أدت إلى عقد اتفاقية الحماية


حين العودة الى الفترة الزمنية التي سبقت حكم الشيخ مبارك الصباح للكويت عام 1896 نرى ان الكويت الامارة الصغيرة آنذاك لم تكن مرتبطة بأي علاقات سياسية ولا معاهدات مع بريطانيا، التي كانت تتصدى بين وقت وآخر قبل حكم الشيخ مبارك، لجماعة تسعى للحديث عن مشروع خط حديدي يربط بين الكويت، مخترقا الاناضول وديار بكر والموصل، لكن الحكومة البريطانية أخذت على مسؤوليتها إيقاف هذا الحديث ونجحت في ذلك. وجاء فترة حكم الشيخ مبارك للكويت، وهي الفترة التي شهدت نموا وزيادة بالعلاقات بين البلدين، خاصة في ظل أطماع عثمانية كانت تحاول اخضاع الكويت تحت لوائها، وهو الامر الذي قاومه الشيخ مبارك، حفاظا على استقلالية الكويت، ولم تقف الحال عند ذلك، بل سعى الشيخ مبارك الى عقد معاهدة حماية مع بريطانيا التي كانت مترددة في ذلك، لكن محاولات الدولة العثمانية لفرض سيطرتها على الكويت دفعت بالشيخ مبارك الى ضرورة عقد معاهدة الحماية عن طريق الطلب من المعتمد البريطاني بالخليج لزيارة الكويت، او ارسال مندوب عنه، بعد هذه الرسالة من الشيخ مبارك وصل عام 1897 الى الكويت مندوب المعتمد البريطاني بالخليج الى الكويت واستقبله الشيخ مبارك، ودار حديث حول ضرورة عقد معاهدة بين البلدين، خاصة في ظل توجه الدولة العثمانية الى اعطاء احدى الشركات الروسية حق امتياز خط حديدي تكون بدايته من طرابلس حتى الخليج العربي، وهذا ما زاد من ضرورة عقد معاهدة الحماية بين البلدين في يناير عام 1899، التي وقعها الشيخ مبارك من جانب والكولونيل ميد، المعتمد السياسي في الخليج العربي من الجانب الآخر.(1)

دوافع الشيخ مبارك لتوقيع مثل هذه الاتفاقية :

1. التحالفات الاقليمة : ظهور تحالفات إقليمية في المنطقة كتحالف الشيخ جاسم آل ثاني أمير قطر مع الشيخ ابن رشيد ووصول قوات ابن رشيد على مقربة من الكويت وهو تهديد غير مباشر على الكويت بالاضافة للوضع الغير مستقر والنزاعات الدائرة في البلدان المجاورة حيث أدت فيما بعد إلي قيام الشيخ مبارك بعدة غزوات ومعارك للحفاظ على الحدود الكويتية وحفظ الأمن .

2. التهديد العثماني المستمر على الكويت : حيث قامت الدولة العثمانية باحتلال منطقة مطربه وأم المدافع وهي داخل الحدود الكويتية هذا بالإضافة إلي احتلال جزر تابعة للكويت وهي جزيرة وربة وبيان وجزء من أم قصر وأقامت مراكز عسكرية عليها .

3. ظهور الكويت قوة اقليمية : سعي الشيخ مبارك لكي يكون قوة إقليمية مهمة في المنطقة تخافه القبائل.(2)



(1) الموسوعة الكويتية منذ الإستقلال  تأليف دكتور عزت احمد حسن  الطبعة الثانيه سـ1997

(2) المرجع السابق

4. ايقاف نفوذ الدول الاستعمارية الاخرى : وقف النفوذ الألماني والروسي والفرنسي للسيطرة على الكويت وهذا ماحدث لاحقاً.

5. تأمين الطرق التجارية البرية: تأمين الطرق التجارية من قبل إبن رشيد عن طريق وتحسين العلاقة مع الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله .

6. فرض الضرائب : فرض الشيخ مبارك رحمة الله ضرائب على جميع البضائع الأجنبية الداخلة إلي الكويت أو العابرة لأراضيها بمن فيها البضائع العثمانية ورفض دخول أي مسؤول أجنبي إلي الكويت إلا بآذنة بمن فيهم المسؤولين العثمانين. (1)
تم توقيع الاتفاقية في 22 يناير من عام 1899 بين الشيخ مبارك الصباح والحكومة البريطانية وبحضور المقدم " مالكوم جون ميد " المقيم السياسي في الخليج وكان الشهود على توقيع الاتفاقية الكابتن " أن وكهام هور " والسيد محمد رحيم عبدالنبي صفر والمستر " جي كاكلون أرسكين " وصودق عليها من قبل نائب الملك والحاكم العام في الهند " اللورد كيرزون " في قعلة ويليام " في 16 فبراير 1899 م وبنودها هي:

1. يكون الحكم في ذرية مبارك الصباح رحمه الله فقط .
2. ليس لحاكم الكويت بيع أو تأجير شي من أراضي الكويت لأي دوله أجنبية أو لرعاياه إلا بمراجعة بريطانيا ورضاها بذلك .
3. تقوم بريطانيا بمنع اعي اعتداء آي دوله أجنبية على الكويت .
4. أن يكون شيخ الكويت عدو لعدوها وصديق لصديقها.
5. ليس للحكومة البريطانية التدخل في الشئون الداخلية للكويت ولا في الحكم ولا في غيرة مع الاعتراف في استقلالها.
6. منع الكويت أن تكون مصدرا لإخراج السلاح إلي الخارج .

ويلاحظ في قراءة جوانب معاهدة الحماية لعام 1899 أنها أعطت الكويت الشأن الداخلي بينما حددت عليها ما يجب اتخاذه من خطوات حين الاتصال بأي جهة خارجية، وهذا ما أكدت عليه اتفاقية الحماية لعام 1899 حيث جاء «بأن يعطي الشيخ مبارك العهد ويقيد نفسه وورثته وأخلافه الى الأبد بأن لا يقبل وكيلا او قائم مقام من جانب دولة او حكومة في الكويت او في قطعة اخرى من حدوده بغير رخصة الدولة البهية القيصرية الانكليس، ولا يفوض ولا يبيع ولا يؤجر ولا يرهن ولا ينقل بنوع آخر ولا يعطي للسكون قطعة من اراضيه الى دولة او رعية احد من الدول الاخرى، بغير ان يحصل على الاجازة اولا من الدولة جلالة المملكة البريطانية العظمى لأجل هذه الادارة، وهذه المقاولة ايضا تشتمل على كل قطعة في اراضي الشيخ المذكور التاتكوف حالا في تصرف رعايا كل واحد من الدول الغير ولأجل الشهادة لتكميل هذه المقاولة».. ويلاحظ في هذا النص من الاتفاقية ان بريطانيا الزمت الشيخ مبارك بالعودة الى حكومتها حين الشروع بأي اتفاقية او تأجير او قبول اي معتمد الا بعد العودة اليها - ومعنى ذلك ان الكويت قد دخلت تحت مظلة الحماية البريطانية في الشق الخارجي مع الدول الاخرى وهي حرة بالشأن الداخلي فيها، بل وان هذه الاتفاقية اكدت على عدم رضوخ الكويت لأي دولة او امبراطورية اخرى اللهم الا العلاقات مع الحكومة البريطانية وفق ما جاء بالاتفاقية من تعاون بين البلدين. (2)
(1) الموسوعة الكويتية منذ الإستقلال  تأليف دكتور عزت احمد حسن  الطبعة الثانيه سـ1997

(2) المرجع السابق
   


وبعد الاتفاقية تمكن الشيخ مبارك رحمه الله من التالي :
1. التفاوض من منطق قوة مع الدولة العثمانية وروسيا وألمانيا وفرنسا و الدولة الفارسية .
2. قيامة بمساعد الملك عبدالعزيز آل سعود في حملتة لاستراجاع الحكم .
3. تحسين علاقته بحاكم قطر وحاكم البحرين.
4. بروز الكويت كقوة إقليميه وفي عهد ة رحمه الله وأعطيت هيبة سياسية ووجود إقليمي في المنطقة .
5. على اثر الحماية البريطانية اخذ الشيخ مبارك يتصرف أمور الدولة وإظهارها بالمظهر الدولي المؤثر . ( 1 )










( 1) الصراع على الكويت ، رضا هلال ، دار الجيل ، 74
الظروف التي أدت لإلغاء معاهدة الحماية

استمرت العلاقات الكويتية - البريطانية في عهد الامير الراحل الشيخ عبدالله السالم، رغم ما واجهته من مطبات، في بعض الاحيان خاصة عام 1956، حين تعرضت مصر للعدوان الثلاثي وهب الشعب الكويتي لنصرة مصر والمطالبة بقطع النفط وجمع التبرعات لمصر لمواجهة العدوان، لكن ذلك - التوتر - في المواقف بين البلدين لم يستمر طويلا، حيث عادت العلاقات الى طبيعتها بعد توقف العدوان الثلاثي على مصر وسارت العلاقات نحو الازدهار رغم الحماية البريطانية التي اوجدتها معاهدة 1899.
مع النمو الاقتصادي والسكاني والتطور الثقافي سارت الكويت بخطوات حثيثة نحو التقدم والاستقلال منذ مطلع الخمسينيات ، وازدهرت الحركة الثقافية والفكرية والسياسية فيها وازدادت أعداد المتعلمين وتعددت المدارس وتنوعت البعثات التعليمية إلى جامعات العالم 
        وظهر العديد من المجلات وكلها كانت تنشر مقالات تتناول الوضع العام وضرورة الإصلاح ، كما برزت ونشطت بعض الأندية المهنية والثقافية والسياسية ، وازداد الوعي الوطني السياسي والقومي ، وظهرت بعض التيارات والاتجاهات السياسية سواء بسبب عودة الشباب الكويتي من الجامعات في الخارج أو بسب ب ما حمله العديد من الوافدين العرب الذين قدموا للعمل في الكويت
        وأصبح من الضروري على المجتمع الكويتي أن يواجه في تلك الفترة الكثير من التحديات الداخلية والخارجية بعد أن بدأت إمارة الكويت بالتحول من بلد فقير إلى بلد غني ، يتمتع بإمكانيات مادية كبيرة ، فقد حقق إنتاج النفط تحولا كبيرا في الكويت على مختلف الأصعدة والمجالات مما زاد من اهتمام بريطانيا بالإمارة التي زادت أهميتها الدولية.
ومنذ مطلع الخمسينيات شهدت إمارة الكويت بعض التطور والتجديد في الإدارة المحلية ،  فقد تم تشكيل اللجنة التنفيذية العليا في عام 1954م ، ثم المجلس الأعلى والهيئة التنظيمية عام 1956م إلى جانب بعض المجالس المحلية التابعة للإدارات الحكومية مثل مجلس المعارف ، ومجلس الأوقاف ، والمجلس البلدي ، ومجلس الصحة. (1)
الرأي العام الكويتي :
        وبينما كانت الحكومة البريطانية بكل إداراتها وممثليها الرسميين في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط تحاول إيجاد السبل التي تزيد من خلالها نفوذها في إمارة الكويت لكي تضمن وصول الفائض من دخلها إلى لندن - كانت الإمارة تتجه نحو الاستقلال ،(2)
(1) إستقلال الكويت  تأليف الدكتورة فتوح الخترش  صـ 24
(2) المرجع السابق ، ص 26
 وكان الوعي الوطني السياسي القومي يتزايد بما يتعارض مع السياسة والمصلحة البريطانية ، وقد ازداد نشاط الشباب الكويتيين ونقدهم للأوضاع الإدارية ، كما نشطت المجلات والنشرات الكويتية بهذا الصدد ، بالإضافة إلى البيانات السياسية التي كانت توزع سرا في 1953م  ، 1954م  وتدعو إلى الاستقلال والحكم النيابي ، وكان حاكم الكويت آنذاك الشيخ عبد الله السالم الصباح - الذي كان رئيسا لأول مجلس تشريعي في الكويت سنة 1938م -  يرحب بالنقد البناء وكان يعمل على السير بخطوات مدروسة نحو الاستقلال وإعلان الدستور .
فلقد أيقن الشيخ عبد الله السالم الصباح أن معاهدة الحماية لم تعد صالحة بعد أن تغيرت ظروف إمارة الكويت التي سارت خطوات واضحة في طريق الاستقلال وامتلكت الكثير من مقوماته ، ولم يعد شعب الكويت يقبل استمرار القيود التي فرضتها معاهدة الحماية رغم إدراكه أن تلك الحماية كان لها إيجابياتها في تلك الفترة ، ولكن الظروف لم تعد كما كانت في السابق ، ومن ثم يجب إلغاء المعاهدة ، وبالفعل أبدى حاكم الكويت الشيخ عبد الله السالم الصباح رغبته فى استبدال اتفاقية صداقة جديدة تواكب التطورات والمتغيرات بهذه المعاهدة(1)

موقف الحكومة البريطانية :
        قبلت الحكومة البريطانية الطلب الكويتي حيث أدركت صعوبة رفض هذا الطلب ، وتم تبادل المذكرات بين المقيم السياسي البريطاني في الخليج العربي في ذلك الوقت السير ويليام لوسي وأمير الكويت الشيخ عبد الله السالم الصباح في 19/6/1961م ، وتم بموجبها ما يلي :
أ- إلغاء معاهدة 23/1/1899م  باعتبارها تتعارض مع سيادة الكويت واستقلالها
ب- تستمر العلاقات بين البلدين تسودها روح الصداقة الوثيقة
ج- الاتفاق على أن يتم التشاور بين البلدين عند الحاجة في القضايا التي تهمهما
د- لا تؤثر هذه النتائج على استعداد الحكومة البريطانية لمساعدة الكويت إذا طلبت الحكومة الكويتية مثل هذه المساعدة ، وهكذا تم إعلان استقلال دولة الكويت في 19/6/1961م.( 2 )





 (1) إستقلال الكويت  تأليف الدكتورة فتوح الخترش  صـ 26

(2) الصراع على الكويت ، رضا هلال ، دار الجيل ، 76

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق